هل استعدت الدول العربية لسيناريو المواجهة الشاملة في المنطقة؟
في الشرق الأوسط حاليا، هناك العديد من الدول انجرت إلى المواجهة، أو على بعد خطوة واحدة منها.. اليمن وليبيا والسودان، ثم فلسطين وإيران ولبنان، وربما سوريا.
يدفع هذا بباقي الدول إلى رفع حالة التأهب، سواء العسكري، أو الاقتصادي..
فهناك الملايين بحاجة لتدبير غذائهم اليومي، واحتياجاتهم الأكثر أهمية، مثل الدواء.
والاقتصاد هو أول ما يتأثر بالأزمات.. والسلع الأساسية ترتفع فور صدور إشارة على حدوث مشكلة واسعة النطاق.
والمواجهات العسكرية مكلفة.. ولا تقتصر الخسائر على الأطراف المتورطة بشكل مباشر فيها.. بل تلقي بتداعياتها على مساحة واسعة قد تمتد إلى دول أخرى على بعد آلاف الأميال.
في مصر، ومع التطورات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة.. اشترت الحكومة أكبر كميات من القمح في تاريخها.
فالخبز من الاحتياجات الأساسية في مصر، وتحوطا من المخاطر الجيوسياسية، اشترت مصر أكثر من 10 ملايين طن من القمح في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 .. وأبرزمت أكبر صفقة لاستيراد القمح، مع شركات من مختلف دول العالم، لتمدها بنحو نصف مليون طن شهريا من القمح. (1)
وبعد أن كانت مصر تكتفي باحتياطي استراتيجي من القمح يكفي لـ 3 أشهر.. أصبح حجم الاحتياطي لديها الآن يكفي لنحو 6 أشهر. (2)
وهو توجيه مباشر من الرئيس المصري الذي أمر برفع احتياطي السلع الاستراتيجي من 3 إلى 6 أشهر، لتحقيق الأمن الغذائي وتأمين الاحتياجات الأساسية للناس، وضمان عدم تأثرهم بالاضطرابات التي تشهدها المنطقة (3)
الأمن الغذائي هاجس لباقي دول المنطقة أيضا، لكن دول الخليج بالأخص تعتبر من بين الدول الأعلى في الأمن الغذائي، (4) وأثبتت جائحة كورونا أنها قادرة على الحفاظ على أمنها الغذائي في أصعب الظروف، وأكد ذلك عدم تأثرها بأزمة الغذاء التي سببتها الأزمة الروسية الأوكرانية. (5)
لا يعود ذلك إلى الوفرة المالية، بل للتخطيط واستدامة الأمن الغذائي في تلك الدول.
والنموذج الأنجح في الإمارات، التي أنشأت مجلسا للأمن الغذائي، وأطلقت استراتيجية وطنية بهذا الخصوص، وهي تتصدر دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على المؤشر العالمي للأمن الغذائي، وتسعى أن تكون من بين أفضل 10 دول على هذا المؤشر على مستوى العالم. (6)
هذه الدول تعمل بدأب على تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها في ظل الظروف العاصفة التي تعيشها المنطقة.
لكنها لم تنسى من يعانون.. ولا تتوقف حملات الإغاثة عن التدفق إلى مناطق الأزمات، محملة بأطنان من المساعدات، في جسور جوية وبرية لا تتوقف.
فالأمن الغذائي ليس لمن لديه القدرة فقط.. بل التكاتف العربي كان دائما حاضرا، لإيصال الاحتياجات العاجلة، متجاوزا كل العقبات.