
ترجمة خاصة – ماعت جروب | في تطور مأساوي أوردته صحيفة “نيويورك تايمز”، كانت مدينة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، ملاذاً لمليون فلسطيني هربوا إليها العام الماضي للنجاة من القصف العنيف الذي شنته إسرائيل في حربها ضد حماس، ولكن مع تقدم العمليات العسكرية، لم تعد رفح تلك المدينة التي احتضنت الهاربين؛ بل أصبحت، هي نفسها، ساحة للدمار.
رفح.. من ملاذ إلى دمار
أوضحت الصحيفة أن “رفح” كانت، في البداية، ملاذاً لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من القصف العنيف في مناطق أخرى من القطاع، ومع اجتياح القوات الإسرائيلية للمدينة، تم تدمير العديد من المناطق المحاذية للحدود مع مصر، في حين نجت العديد من الأحياء من أسوأ آثار الحرب، لكن هذا الوضع تغير منذ استئناف العمليات العسكرية في مارس الماضي، بعد انهيار الهدنة مع حماس.
بحسب “نيويورك تايمز”، فإن الحملة العسكرية الإسرائيلية قد تسببت في تدمير واسع النطاق لمناطق كبيرة في رفح منذ أن استؤنفت العمليات العسكرية في بداية مايو الماضي، حيث قامت إسرائيل بشن هجمات عنيفة، أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين في قطاع غزة، بحسب ما أفادت به السلطات الفلسطينية.
وفي أحدث التطورات، استهدفت القوات الإسرائيلية القيادي البارز في حماس محمد السنوار في خان يونس، بالقرب من مستشفى.

صور الأقمار الصناعية تكشف حجم التدمير
تُظهر صور الأقمار الصناعية التي حللتها “نيويورك تايمز”، أن القوات الإسرائيلية قد مسحت العديد من المناطق في رفح عن وجه الأرض، بما في ذلك مساجد ومدارس ودفيئات زراعية ومناطق خضراء كانت تزين المدينة.
وأوضح التقرير أنه في حين تم تدمير مناطق على طول الحدود قبل الهدنة في يناير، كانت العديد من المباني في الأجزاء الداخلية للمدينة لا تزال قائمة، وإن كانت قد تضررت، لكن الوضع تغير الآن بشكل جذري، حيث تحولت رفح إلى مدينة شبه خالية من البنية التحتية.

الهدف.. قطع رفح عن بقية القطاع
في تصريحات سابقة، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى أن هدف بلاده هو قطع رفح عن باقي قطاع غزة، ما كشفته الصور الجوية الحديثة بأن إسرائيل قد نجحت في تنفيذ هذه الخطة، مع تدمير محيط المدينة بالكامل.
وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن هذه العمليات تهدف إلى الضغط على حركة حماس للقبول بمفاوضات سلمية، بالإضافة إلى محاولة إخلاء المنطقة من أي وجود عسكري لحماس، بما في ذلك في رفح.

إسرائيل تعزز وجودها العسكري.. بناء الطرق والثكنات
لا تقتصر العمليات العسكرية على التدمير فقط، بل تتضمن أيضاً بناءات جديدة، ففي الأشهر الأخيرة، تم بناء طريق يمتد لأكثر من ثلاثة أميال من الحدود الإسرائيلية عبر رفح، وهو محاط بالخنادق والحواجز العسكرية، كما تم إنشاء العديد من النقاط العسكرية في المناطق الجنوبية للقطاع.
ووفقاً للصور، تواصل إسرائيل بناء ثكنات عسكرية محصنة ومطارات صغيرة في هذه المناطق، مما يعكس تحول رفح إلى منطقة عسكرية استراتيجية، بعد أن كانت ميداناً للدمار.
“ممر موراغ”.. الطريق الجديد نحو فصل رفح
أطلق الإسرائيليون على الطريق الذي تم بناؤه من الحدود الإسرائيلية إلى رفح اسم “ممر موراغ”، وهو اسم مستوحى من مستوطنة يهودية كانت موجودة في المنطقة حتى انسحبت إسرائيل منها قبل عشرين عاماً.
وبحسب الصحيفة، يشير هذا المشروع إلى مسعى إسرائيلي طويل الأمد لفرض السيطرة على المنطقة، ما أثار مخاوف من إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في غزة، رغم أن نتنياهو نفى هذا الاحتمال في الوقت الحالي.

مستقبل غير معلوم.. دمار ونزوح مستمر
أكدت “نيويورك تايمز” أن هذا الدمار لن يكون مؤقتاً، فإسرائيل قد أعدت خطة لزيادة عدد الجنود في المنطقة للسيطرة على الأراضي بشكل كامل، وتمت المصادقة على خطة لنقل الفلسطينيين من المناطق المدمرة إلى المناطق الجنوبية، حيث يواصل الاحتلال عمليات التهجير القسري.