تعيش دول الشرق الأوسط تحديات إقليمية كبرى، وعثرات متتالية في ظل التوترات الجيوسياسية المتلاحقة، ومع تلك الأزمات يتحمل قطاع اللوجيستيات، والذي يلعب دورا كبيرا في دعم القطاعات الأخرى، ويساهم في تحقيق النمو الاقتصادي، ويعتمد عليه في جزء كبيرا في تحريك التجارة العالمية، العبء الأكبر. وقطاع اللوجستيات هو فن وعلم إدارة تدفق البضائع والطاقة والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات، والخدمات من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك لذلك يتأثر بسهولة بالأزمات. ووسط تلك الأزمات العاصفة طرحت السعودية رؤية طموحة لتحويل الشرق الأوسط إلى مركز للنقل والخدمات اللوجستية، لبناء نظام إقليمي متعدد المحاور يعزز سلاسل الإمداد. تعتمد رؤية المملكة على تسريع وتيرة التحول في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية وجعلها مركزاً عالمياً للتجارة والخدمات اللوجستية، وتطوير بنيتها التحتية اللوجستية، وفق «رؤية 2030»، بدعم من استثمارات حكومية كبيرة تهدف إلى تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد وربط الأسواق العالمية. وتستهدف المملكة بحسب الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي أطلقها ولي العهد ، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، في منتصف عام 2021، إلى استثمار أكثر من تريليون ريال بحلول عام 2030، وتم بالفعل تخصيص 200 مليار ريال من هذه المبالغ، التي مكّنت القطاع اللوجستي السعودي من التقدم بشكل بارز، ما أسهم في تحسين تصنيفاتها العالمية. وتعمل السعودية حاليا على الانتهاء من تصميم مشروع لربط العاصمة الرياض بمدينة جدة وموانئ البحر الأحمر عبر خط للسكك الحديد وهو مشروع ضخم يتضمن تمديد خطوط القطارات لمسافة تزيد عن ألف كيلومتر، ويهدف المشروع إلى ربط كافة دول الخليج العربي بالبحر الأحمر، حيث تمتد السكك الحديد بالفعل من شرق مدينة الرياض إلى موانئ الخليج وبعد إتمام المشروع يكتمل الربط البري بالقطارات الذي يتفادى أيّ اضطرابات مستقبلية للشحن البحري عبر باب المندب.