ماعت جروب – ترجمة رامي سيد
في قلب منطقة القرن الإفريقي حيث تتشابك الأزمات السياسية والأمنية، تبرز إريتريا كدولة ذات أهمية استراتيجية متزايدة للولايات المتحدة في وقت تتسارع فيه المنافسة الدولية على النفوذ في المنطقة، وتواجه القوى الكبرى مثل الصين وروسيا تحديات متزايدة على الساحة الإفريقية، تمثل إريتريا نقطة محورية في جهود واشنطن لضمان استقرار ممرات التجارة الحيوية وحماية مصالحها الأمنية في البحر الأحمر.
ورغم الانعزالية السياسية والانتقادات المستمرة حول سجل حقوق الإنسان في إريتريا، فإن موقعها الجغرافي الفريد وقوتها العسكرية المنضبطة، قد يجعلها حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
بحسب تحليل منشور في مجلة “مودرن دبلوماسي” المتخصصة في السياسة الدولية، تعاني منطقة القرن الإفريقي التي تشمل دولًا مثل السودان والصومال، من صراعات عميقة وأزمات مستمرة، فمنذ عام 2023 يشهد السودان حربًا أهلية أدت إلى انهيار النظام الأمني، في حين تواصل إثيوبيا مواجهة تحديات عرقية تهدد وحدة البلاد، بينما يعيش الصومال في فوضى أمنية مستمرة.
في هذا السياق، تظهر إريتريا كاستثناء نسبي بفضل حكم الرئيس أسياس أفورقي الذي يعتمد على نظام مركزي صارم وهيمنة عسكرية محكمة، حافظت إريتريا على استقرار داخلي نسبي مقارنة مع جيرانها المتأزمين.
يعد البحر الأحمر ممرًا حيويًا للتجارة العالمية والملاحة الدولية، وهو يشهد تحديات أمنية متزايدة بسبب التوترات في اليمن والصراع المستمر في البحر الأحمر، حيث إن إريتريا الواقعة على ضفاف هذا البحر تقدم نفسها كداعم محتمل للاستقرار في هذه المنطقة الحيوية، ورغم سياساتها المعزولة، فإن موقعها الجغرافي يسمح لها بلعب دور رئيسي في تأمين هذه الممرات البحرية، ما يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة في الحفاظ على حرية الملاحة وضمان استقرار التجارة العالمية.
في هذا الصدد، تتمتع إريتريا أيضًا بموقع استراتيجي بالنسبة للمنافسة المتزايدة بين القوى الكبرى في إفريقيا، حيث تسعى الصين من خلال استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية، إلى تعزيز وجودها في المنطقة، بينما تسعى روسيا إلى توسيع وجودها العسكري في هذا السياق، فيما توفر إريتريا فرصة للولايات المتحدة لاستعادة نفوذها في المنطقة، لا سيما عبر إقامة شراكة استراتيجية تمكنها من مواجهة تمدد النفوذ الصيني والروسي.
يمثل الجيش الإريتري، الذي يتمتع بقدرات قتالية عالية وانضباط عسكري، أحد أبرز العوامل التي تجعل إريتريا شريكًا استراتيجيًا محتملًا للولايات المتحدة، بفضل تنظيمه العالي، يعدّ الجيش الإريتري قوة مستعدة للعب دور محوري في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة في منطقة القرن الإفريقي، إذ أن التعاون العسكري بين واشنطن وأسمرة قد يساهم في تأمين المنطقة سواء على صعيد مكافحة الإرهاب أو التصدي للتحديات الأمنية الأخرى.
فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، يشير بعض المراقبين إلى أن إريتريا قد تشهد تحولات اقتصادية تدريجية في المستقبل، ورغم النظام السياسي المركزي، هناك دلائل على استعداد البلاد لإجراء إصلاحات اقتصادية قد تفتح المجال لمزيد من التعاون مع القوى الغربية، حيث مثل هذا التوجه قد يعزز من فرص الشراكة بين إريتريا والولايات المتحدة في المستقبل، سواء في مجالات التجارة أو الاستثمار.
إريتريا، رغم عزلتها السياسية، تمثل اليوم نقطة ارتكاز استراتيجية للولايات المتحدة في مواجهة التحديات المتزايدة في منطقة القرن الإفريقي، بموقعها الجغرافي الحيوي وقوتها العسكرية، وإمكانية إجراء إصلاحات اقتصادية، يمكن لإريتريا أن تُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة، في ظل المنافسة المتزايدة من قبل الصين وروسيا، قد تجد واشنطن في إريتريا شريكًا مثاليًا لتحقيق مصالحها الاستراتيجية وضمان استقرار البحر الأحمر وتعزيز نفوذها في منطقة حيوية بالنسبة لمستقبل الأمن الدولي.
#ترجمات_ماعت